الرئيسية | عظات | عيد مار افرام

عيد مار افرام

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

أيها الأبناء الأحباء،

احتفلت كنيستنا السريانية البارحة بعيد مار افرام ملفان الكنيسة الجامعة، ومارافرام الذي أصبح ملفان الكنيسة ليس الكنيسة السريانية وحدها إنما كل الكنائس في العالم الأرثوذكسية والكاثوليكية، والتي تقدّر، وتحترم، وتتشبه، بهذا المعلم، ملفان تعني معلم، هذا المعلم الذي أعطى للكنيسة تعاليم لا تحصى ولا تعد وأكثرها الألحان السريانية، فقد ألف الألحان، وألف الكلمات، ولحّن، ورتل، وأنشأ جوقات التراتيل، وعلم، وأعطى للكنيسة رهبان بالمئات، في الرها هناك على الحدود التركية السورية، في الأراضي التركية في الرها ونصيبين، إلى أن ذاع خبره في كل أرجاء العالم، والكنيسة الكاثوليكية سمته ملفان الكنيسة الجامعة نظراً لتعاليمه، وسيرته، ومثاله  الصالح الذي أعطاه للكنيسة علماً أن مار افرام لم يكن كاهناً، إنما وصل إلى رتبة الشماس الإنجيلي، وتواضعاً منه لم يرد أن يقبل الرسامة الكهنوتية كي يبقى إنساناً متواضعاً، يقول أنه لا يستأهل هذه النعمة العظيمة، نعمة الكهنوت، وحتى في آخر أيامه يقول الكتاب أو السيرة لمار افرام، إنه لم يرد أن يدفن في الكنيسة، في المدينة التي ولد فيها لأنه كان هناك في قديم الأزمان يدفن الكهنة والأحبار داخل الكنيسة كما هي العادة اليوم، هو لم يرد أن يدفن في قبر الكنيسة إنما في مقبرة الغرباء كي يظهر للعالم أنه إنسان كالباقين، يعني هذا التواضع الذي تحلى به مار افرام دخل في صلب تعاليم الكنيسة التي نعيشها اليوم. فكنيستنا السريانية تحتفل به كمثال، وتحتفل به كقدوة، نعيشها كقدوة، وهو راعي هذه الكنيسة، ومعلم هذه الكنيسة، ونحتفل به لأن على اسمه تأسست رهبانيات، وبنيت كنائس، وألحاننا اليوم التي نرتلها هي من ألحان مار افرام، هذه الأناشيد التي تسعمونها في القداس من ألحان مار افرام، فهذا الشي عظيم بالنسبة لنا، ولذلك أخذناه شفيعاً لطائفتنا ليكون نوره دائماً حالّاً على هذه الكنيسة، وحامياً لها.

واليوم نحتفل بالأحد الثاني من زمن الصوم المقدس، ونسمع هنا كيف أراد يسوع أن يشفي الأبرص من مرضه، فبكلمة واحدة قال له الأبرص: ” إن شئت يارب، يا يسوع فأنت قادر أن تطهرني”، يسوع رأى إيمان هذا الإنسان، فقال له: “قد شئت، اردت، اطهر”، وفوراً شفي من مرضه.

هذا المثل ماذا يعني لنا نحن اليوم؟ هذا الشفاء يا أحبائي ما هو إلا نوع من الرجوع إلى تعاليم يسوع، وتطبيق ليس فقط لأني أنا بحاجة جئت إليك، لأني أردت أن اشفى نفساً وجسداً، الموضوع هو شفاء النفس قبل الجسد، فهذا الإنسان عندما أظهر ليسوع أنه يريد أن يشفى من مرضه، جاء بكل إيمان متأكداً أن يسوع قادر أن يشفيه، كما نرى في كل الأعاجيب التي صنعها يسوع لكن يسوع يريد من الناس أن يفهموا ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، هذا الشعب بالآلاف الذي كان يتبع يسوع كان يأتي كي يأكل الخبز أو كان يأتي كي يسمع الكلمة؟ نرى الكميات، طبعاً كان شعباً جائعاً، كان شعباً تائهاً في البراري، لا راعي له، عندما أتى يسوع جمع هذا الكم الهائل من الناس، وكان الراعي الصالح، فكان يصنع الأعاجيب، يطعم الخبز للجياع، لكن من وراء ذلك كان يريد أن يشفيهم من الداخل، أن يرجعهم إلى محبة الله تعالى وإلى محبة بعضهم البعض، ولذلك اليوم نحن أيضاً عندما نأتي إلى الكنيسة، نأتي كي نأخذ خبز الحياة من الهيكل، ليس هدفنا أن نأتي كي نأخذ ماديات إنما نأتي كي نرى يسوع، كي نحب يسوع، كي نأخذ يسوع خلاص لنفوسنا وأجسادنا، وهذا هو زمن الصوم الذي يعلمنا دوماً أن نكون متحدين مع يسوع روحياً كي نقول له: ” يا رب أنت فينا ونحن فيك”، وهذا هو الشفاء الأعظم لنا، هكذا نكون مسيحيين صالحين، نكون مسيحيين مطبقين لتعاليم الكنيسة، نكون مسيحيين محبين لبعضنا البعض، وهذا هو هدف يسوع أن نصل إلى هذه المرحلة، وهذا يكون أكبر وأعظم صوم  نقوم به خلال فترة الصيام المقدس.

فأطلب من الجميع أن نشترك في هذه الذبيحة التي أقدمها على نيتكم أيضاً ككل أحد، نطلب من يسوع أن يقوينا بالنعمة، أن يجعل منا دائماً الإنسان الهادىء روحياً، الإنسان الذي يفكر دوماً بعمل الخير، أن يفكر بعمل الحسنات للناس، وأن يأخذ الشيء الصالح من الأمور، ويطبقها في حياته، خاصة ونحن، دوماً اردد الكلمات، نحن في أزمات صعبة الحمد لله تنفرج شيئاً وشيئاً على مدينتنا، وقليلاً قليلاً وربما درجة وراء درجة ستعود الحياة إلى طبيعتها، وسنعود إلى حياتنا، وسنعود إلى صلواتنا، وأنا مسرور جداً بحضوركم كل أحد في هذه الكنيسة ولو صغيرة لكن إنشاء الله نُحضّر الكاتدرائية كي تكون متأهلة للأسبوع القادم لدرب الصليب، والذبيحة الإلهية هناك، وحتى أسبوع الالام، واحد القيامة، وأريد أن أعلمكم أن غبطة أبينا البطريرك ماراغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريركنا المغبوط سيحضر إلى حلب قبل عيد الشعانين كي يعيّد معنا عيد الشعانين هنا في حلب، في كاتدرائيتنا، وسيقوم ببرنامج نذيعه عليكم لاحقاً، فأهلاً وسهلاً به، فهو بركة على كنيستنا، وعلى مدينتنا، وإنشاء الله يدب الفرح في قلوبنا كي ننعم بشمس ساطعة، وبدفء روحي، هذا هو ما كنا نشتاق له خلال السنة الباردة التي مرت علينا، والتي لا تزال اذيالها تلوح في الأفق، إنما إيماننا يدفؤنا روحياً وجسدياً، فهذه نعمة من الرب .

بنعمة الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com