أخبار عاجلة
الرئيسية | عظات | الثاني بعد العنصرة

الثاني بعد العنصرة

 

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

أبنائي الأحباء،

نحتفل اليوم بالأحد الثاني بعد عيد العنصرة، القديس لوقا يحدثنا عن الدعوة إلى العشاء، دعوة الرب يسوع  للمدعوين كي يأتوا ويشاركوا في حفل العشاء الذي أقامه على شرفهم ، فمنهم من اعتذر مختلقاً الأعذار وانسحب من الدعوة، وفي النهاية قال يسوع لرب البيت: “اذهب وادعو كل الذين تراهم في الطرقات والسياجات والشوارع ادعوهم كي يمتلأ بيتي، فإني أقول لك أن ولا واحد من أولئك المدعوين يذوق عشائي”، ما معنى هذا أيها الأحباء؟ هذا معناه أن من يمتنع عن مائدة الرب يكون محروماً من الملكوت، نحن ندعى كل يوم كي نشارك في الذبيحة الإلهية التي هي رمز للدعوة إلى العشاء، للمشاركة، ونأتي إلى القداس كي نشارك في القربان المقدس، وعندما نعتذر ونختلق الأعذار نكون قد حُرمنا من الملكوت، ونحن لا نريد أن نُحرم من الملكوت، وعندما نسأل لماذا لا تأتون إلى الكنيسة؟ منهم من يقول: (أنا مشغول وعندي ناس في البيت، وعندي طبخة، وعندي روحة، عندي جيّة ما عبقدر أجي عالقداس).

يا أحبائي ما أجمل أن نشارك في ذبيحة القداس مع المسيح يسوع، ساعة فقط في الأسبوع نخصصها له تعالى هذا ما يريده يسوع منّا، أن نقرب ذواتنا لمذبح الرب كي نقتات ونتغذى من القربان المقدس الذي يغذينا روحياً، الذي يعطينا الحياة، هذه الدعوة إلى العشاء، هذه الدعوة إلى الوليمة، فعلينا أن نتجاوب، علينا أن نلبي دعوة المسيح ولا نمتنع عنها لأنه في النهاية عندما نمتنع سيمنعنا الله من دخول الملكوت، كلنا مدعوون كي نشارك كل واحد على قدر طاقته، وكل إنسان مشارك في الحياة يكون قد أدى واجبه كما يجب أمام إنجيل المسيح، منّا من يؤدي واجبه في الخدمة، في الوظيفة، ومنهم من يؤدي خدمته في الشارع، في المكتب، في البيت، في خدمة العلم، في الجندية، عندما ندافع عن الوطن، عندما ندافع عن بلدنا من الحروب، من الاجتياحات، من الاقتحامات، هذا الجندي الذي يخصص حياته من أجل خدمة الوطن، ويذهب ضحية الوطن شهيداً على مذابح الوطن يكون قد أدى واجبه، ولبى دعوة الرب في الخدمة، وما أعظمها خدمة يا أحبائي عندما نقدم شهيداً على مذبح الحياة في خدمة الوطن.

اليوم نحتفل بشهيدنا سيزار رباط الذي قدم حياته لخدمة وطنه وراح ضحية الإرهاب، وكم ودعنا في الماضي من شهداء قدموا حياتهم من أجل تحرير هذا الوطن العزيز؟ الشهادة هي إظهار الحق أيها الأحباء، وعندما نشهد بإنجيلنا، بمحبتنا لكنيستنا، بمحبتنا لوطننا، نكون قد خدمنا الوطن والكنيسة والعائلة كما يطلب الرب منّا، قدمنا ضحايا كثيرين، قدمنا شباب في عنفوان حياتهم ذهبوا ضحية الشر والشرير، ضحية إنسان متعجرف متغطرس مليء بالشيطانيات، مليء بالروح الشريرة، يريد أن يبيع الأسلحة ويتاجر بها كي يقتل الإنسان، هذه جريمة الإنسان الذي يتعدى على حياة أخيه الإنسان، ومن يقف أمام هذا الشر المتصاعد؟ هو الإنسان المدافع عن الحق، المدافع عن حقوق بلده وكنيسته وشعبه ووطنه، هؤلاء هم شهداؤنا الأبرار الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن سوريا، في سبيل الدفاع عن حلب، ونجحوا والحمد لله ودافعوا عن الوطن، وحرروا البلد، واليوم نحن نفتخر بهم، نفتخر بكل شهيد، نفتخر بكل إنسان ضحى من أجل هذه المدينة ومن أجل هذا البلد، فهم ملائكة، فهم قديسون في السماء يتمتعون مع الله تعالى بحياة أفضل، حياة لا رصاص فيها ولا قنابل ولا قذائف ولا صواريخ.

ونحن هنا في حلب أمضينا أوقات صعبة من تفجيرات، وهذه كنيستنا تشهد على ما تألمنا من خراب ودمار في هذه الحرب الشرسة، البشعة التي عاشتها حلب، لكن هؤلاء الشهداء، هؤلاء الأبرار، هؤلاء الطيبون، سيأخذون المكافأة عند الله، نحن هنا ربما لا نستطيع أن نكافئهم لكن صلاتنا هي مكافأة لهم، هي أوسمة تعلق على صدورهم لأنهم يستحقون المكافأة، شهيدنا اليوم هذا الشاب أعطى لحلب زهرة تستطيع أن تستنشق رائحتها كل القلوب الطيبة، كل الأفئدة، كل العناصر الذين يستنشقون من رائحة العبق من رائحة الذكى من رائحة العمل المشترك، الذي به نصل إلى الراحة والهدوء.

من كل قلبي أقدم تعازي لوالديه، ولعائلته، ولجميع الشباب الذين عملوا معه والذين يعملون ولا يزالون، هؤلاء الشباب الذين نريد أن نحافظ عليهم، ونريد أن يبقوا في هذا البلد كي يدافعوا عنه، لكن هناك بعض الأوقات أمور تحصل ضد إرادة الإنسان، فمنهم من يبتعدون، ومنهم من يسافرون، لكن في النهاية هذا الوطن هو بيتهم، وهذا الوطن هو ملتقاهم جميعاً.

 

 

 

في هذه الذبيحة، أشكر حضوركم اليوم جميعاً الذين لبيتم الدعوة، خلال الأسبوع الماضي عندما كنا نكافئ عائلاتنا بمساعدة بسيطة، طلبت إليهم أن يشاركونا في القداس، وهذه دعوتي لكم اليوم أن نلتقي كل أحد في الذبيحة الإلهية كي نظهر للرب أن محبتنا له عظيمة، وكي نأخذ القربان زاداً لأروحنا ولنفوسنا، وأشكر الذين يسمعونا خارج حلب عبر النقل المباشر للقداس أقول لهم: هذه حلب، هذا شعبنا، هذه هي عائلتنا تشاركنا الذبيحة كل أحد، أنتم في خارج حلب إن كنتم في لبنان أو اللاذقية أو في طرطوس أو في أميركا أو أوروبا، انظروا كيف تعيش حلب اليوم الهدوء؟ الحمد لله نصلي من أجلكم كي تعودوا إلى حلب، حلب المحبة، حلب العطاء.

أقدم هذا القداس على نيتكم جميعاً مع شهيدنا سيزار طالباً منه تعالى العون والمساعدة .

بنعمة الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com