الرئيسية | عظات | احد الموتى المؤمنين

احد الموتى المؤمنين

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

أبنائي الأحباء،

ما سمعناه في إنجيل اليوم عن القطيع الصغير، ما سمعناه من مثل أعطانا إياه يسوع عن الاستعداد، وعن العبيد، وعن السهر، كله ما هو إلا تنبيه لكل واحد منّا أن عليه أن يكون مستعداً في كل لحظة من حياته لملاقاة الرب، كلنا سنلتقي يوماً ما معه بعد هذه الحياة الطويلة إنشاء الله، عندما تنتهي حياتنا على هذه الأرض سننتقل إلى السماء، وهناك يسوع سيستقبلنا إن كنا عبيد صالحين أو أفراد من هذا القطيع الذي مدحه يسوع حينما قال: “طوبى لأولئك العبيد الذين حين يأتي سيدهم يجدهم مستيقظين”، كونوا مستعدين لأنكم لا تعلمون في اي وقت يأتي الراعي، في أي وقت يأتي رب البيت في المساء أم في الصباح أم في منتصف الليل لا أحد يعرف، وشبّه هذا بالموت، أيضاً الموت يأتي في ساعات لا نتوقعها، في ثوانٍ الإنسان ممكن أن تنتهي حياته، في لحظات، فكونوا مستعدين.

وما هو هذا الاستعداد؟ يسوع يطلب منا أن نكون مستعدين روحياً وجسدياً أيضاً، الجسد عندما يكون صحيحاً معافاً، وعندما تكون النفسية مرتاحة، والضمير صالح، والصحة جيدة، عندما ننتقل للمحاسبة نكون مستعدين من كل النواحي روحياً، وأدبياً، ومعنوياً، وجسدياً، وهذا ما يطلبه الرب منّا.

عندما نذكر أمواتنا في صلاتنا كما اليوم، عندما نذكر في جناز أحد أفراد العائلة الذي ينتقل إلى السماء، نتأسف لفقدان هذا العزيز إن كان أباً أو أماً أو أخاً أو أبناً أو أبنة، نحزن لاننا نفارقه، لأنه ينتقل من هنا، يتركنا بالجسد والروح وينتقل عنا لكن ذكره يبقى معنا دوماً، هذا الانتقال هو ايضاً معنوي بشكل واسع في حياتنا كمسيحيين، لأن كل واحد منّا يشكل جزأ من هذه السلسلة الطويلة التي تجمعنا مع العائلة، عندما تكون عائلة مكونّة من عدة أعضاء أب وأم وأولاد، كما تعودنا في عائلاتنا في حلب، عندما تفرط هذه المسبحة، ويضيع أحد أعضاء هذه المسبحة تتألم العائلة، وهذا الألم يبقى محفوراً في قلب كل واحد منّا لأن ما نفعله ياأحبائي من أعمال، وما نقدمه من خدمات للعائلة، وللمجتمع، وللناس، كل هذا يبقى راسخاً في ضمير كل واحد منّا، لا نستطيع أن ننسى بسهولة وجود أي كائن بشري عاش معنا على هذه الأرض، وأعمالنا هي التي ستبقى خالدة كما ستبقى نفسنا خالدة إلى الآبد، فلا ننسى أن الموت هو انتقال إلى حياة روحية أفضل مع الله تعالى، وعندما نخسر أي عضو من أعضاء العائلة يجعلنا نفكر بحياتنا الشخصية، نحن أيضاً سننتقل يوماً ما، وسيأتي من يصلي علينا، لكن هذه الأوقات الصعبة التي تمر بحياتنا تجعلنا نفكر دوماً بالأبدية، نفكر بالاتحاد مع الله، نفكر بيسوع، نفكر كيف هو مات على الصليب، وكيف انتقل إلى السماء، كل هذا يجعلنا نفكر بالحياة الروحية، الحياة الخالدة، خاصة وقد مررنا بوقت صعب خلال هذه السنوات الستة الماضية، رأينا الكثير من الشهداء الذين سقطوا في هذه الحرب، كم من أولادنا وقعوا شهداء، رجال، ونساء، وشباب، وأطفال، من كل فئات المجتمع خسرنا شهداء، وهؤلاء أيضاً شكلوا في حياتنا حزناً لا يمحى، هذه الحرب، وأي حرب تجري على الأرض تؤثر، وتنهدر الدمعات الكثيرات من عيون الأمهات والآباء عندما يخسرون أحداً من أفراد عائلتهم ويكون شهيداً في معركة ما، وكم من الأجساد قتلت في حلب مثلاً، وفي كل سوريا خلال هذه الحرب، وهؤلاء كلهم ذهبوا لملاقاة الله ليأخذوا مكافأة أفضل من هنا، مكافأة السماء هي الاتحاد مع الله تعالى، لكن الأمل يا أحبائي هو رجاؤنا، بعد كل ما قلت عن الموت، هناك الأمل والرجاء بالحياة الأخرى، أملنا أننا سنأخذ مكافأة باجتماعنا مع الله تعالى في السماء،هناك الهدوء، هناك السكون، هناك لا حرب ولا حزن ولا تنهد إنما حياة خالدة، حياة فرح لأننا سنرى الله وجهاً لوجه.

 

في هذه الذبيحة الإلهية والجناز الذي نقدمه لراحة نفس أختنا منيرة بوشي أرملة المرحوم ابراهيم جندي، نطلب إليه تعالى أن تكون نفسها خالصة في السماء ، وقد أخدت مكافأتها مع الأبرار والصديقين، ونطلب من عائلتها، من محبيها، من جميع أصدقائها، من جميع من عرفوها، أن يصلوا لراحة نفسها أيضاً، ولنصلي من أجل بعضنا البعض، لأن الصلاة تساعدنا على راحة البال، تساعدنا إلى أن نصل إلى الهدوء الذي نتمناه للجميع .

بنعمة الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com