أخبار عاجلة
الرئيسية | عظات | قداس الكهنة المتوفين

قداس الكهنة المتوفين

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

أبنائي الأحباء،

كما سمعتم أننا سنقيم هذه الذبيحة على نية جميع البطاركة، والأساقفة، والكهنة، والرهبان، والراهبات، والشعب المؤمن من أبناء الطائفة الذين خدموا هذه الأبرشية مدة سنوات عديدة، وهذا القداس نقيمه في كل سنة مرة، في كل سنة نقيم قداس الأحبار، وقداس العلمانيين لكن هذه السنة دمجنا القداسين في قداس واحد، لذلك نطلب من جميع الحاضرين أن يشتركوا معنا في الصلاة لراحة أنفس جميع الذين أحبوا الله، وخدموا الكنيسة.

هذا ما يشجعنا يا أحبائي أن نصغي إلى كلمة يسوع في إنجيل اليوم قبل بداية الصوم الكبير، هذا النص الإنجيلي الذي سمعناه من مار متى يجعلنا نفكر كثيراً بما يقصد يسوع، نحن نعلم كل العلم أن كل إنسان مريض أو محتاج أو فقير أو معوز إن كان صحيحاً او مريضاً، كل إنسان يمثل المسيح يسوع، كل واحد منّا له صورة يسوع الحسنة الحلوة الطيبة، وكل إنسان مريض ومحبوس ومعاق أيضاً يمثل صورة يسوع.

فيقول لنا يسوع: “كنت مريضاً، وجائعاً، وعرياناً، ومحبوساً، فلم تزوروني، ولم تعينوني، ولم تسعفوني”.

فيجيب هؤلاء الذين سمعوا الكلام: “متى رأيناك ولم نخدمك، ولم نسعفك، ولم نزرك؟

أجاب يسوع بكلمة قصيرة: “كل ما لم تفعلوه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار المرضى والمعاقين والمعوزين، فلي لم تفعلوه”.

يعني يسوع يشبه ذاته بكل إنسان على صورة الله تعالى، كل إنسان على هذه الأرض هو المسيح، كل واحد منّا يمثل يسوع المسيح، فعندما أشعر أن هذا المريض، أو هذا المعوز أو  هذا المعاق هو أخ لي هو يمثل صورة يسوع عليَّ أن أسعفه، أن أساعده، أن أعطيه كي يأكل، أن أعطيه الدواء كي يشفى، وإلى آخره …

ولماذا قام يسوع بهذا الدور في هذه الحياة الأرضية المليئة بالأمراض، والصعوبات، والأوجاع، والألم، والفرح أيضاً؟ لأنه أراد أن يشارك الإنسان هذه الحياة، ولذلك ترك المجد السماوي كي ينحدر إلى أرض البشر، ويشارك الإنسان مرضه، وتعبه، وحزنه، وفرحه، هذا هو يسوع المحبة، هذا هو يسوع المتألم، وهذا هو يسوع المنتصر على الموت، هذا يسوع الذي يعلمنا أن ننسى ذاتنا في سبيل الآخرين، هذا هو دور الكنيسة، هذا هو دور العائلة أن نشعر ببعضنا البعض، أن نشعر بألم الآخر، أن نندمج مع الآخر، أن نكون الآخر، أن نشعر بأن الآخر هو أنا، انا أمرض، وانا اتعافى، وانا أتألم كما يتألم هو، وعندما أشعر بهذا الألم، عندما أشعر بهذه الحاجة لمساعدة الآخر كما أن الآخر يشعر بأنه بحاجة كي يساعدني وأساعده، هذه المحبة المسيحية.

كما قال بولس الرسول في رسالته عن المحبة، إن كنت أعمل العجائب، واقيم الموتى، وأعمل كل المرات، ولم تكن فيَّ المحبة، فأنا كالصنج الذي يرن وكالطبل الذي يعطي صوتاً قوياً وبالآخر ينتهي، فمحبتنا تتمثل في عملنا مع الآخرين، أنا عندما أريد ان أحب عليَّ أن أنسى كل شيء كي أبرهن عن هذه المحبة بعمل، وإلا لكانت محبتي كذابة، لا تكون محبتي صادقة إن لم تكن تنبع من قلب صافٍ وصادق، المحبة تتخطى كل الحدود، وهذه كانت محبة الله تعالى عندما أحب الإنسان، وخلق الإنسان، لم يرد أن يتركه لوحده في هذه الحياة، فأرسل له ابنه الحبيب الذي ضحى بكل شيء وصلب على الصليب كي يحب الإنسان، كي يجعل الإنسان يشعر أنه يحبه، وهذه المحبة لا حدود لها، فهذه المحبة تتجلى في المريض، والمعوز، والمعاق، والصحيح، والجيد، وفي كل إنسان تتجلى هذه المحبة .

 

 

فاليوم يا أحبائي عندما نريد أن نبدأ صيامنا المقدس في الأحد القادم، أتمنى أن نقوم بفعل فحص ضمير لكل واحد منّا، لنرى هل يا ترى أنا كمسيحي، كمؤمن، أعيش كما يطلب المسيح مني؟

هل يا ترى محبتي تتفاعل مع حياتي أم أنني أظهر شيء، وأعيش شيء آخر؟

هل يا ترى كمسيحي أشعر بحياة الإنسان الآخر؟

هل يا ترى أنا كمسيحي أشعر بالمريض، أشعر بالمحتاج خاصة في هذه الأونة الصعبة التي نعيشها، في هذه الحرب القوية التي تعيشها حلب؟

هل يا ترى أشعر أن الإنسان الذي يعيش بدون مازوت، بدون ماء، بدون كهرباء، هو إنسان كما أنا إنسان؟

هل يا ترى أمد له يد العون أم لا؟

وهنا تشعرون يا أحبائي كيف أن الكنيسة هي بقربكم وهي لكم، وهي التي تقوم بكل هذه الأمور كي تبرهن عن محبتها للأولادها، وهذه المحبة أعود فأقول تتخطى كل الحدود، الكنيسة هي انتم، وأنتم الكنيسة، فعندما نشعر بهذه المحبة وبهذا الحب الصادق، نكون مسيحيين حقيقين، فأتمنى أن يكون صيامنا هذه السنة مبني على كسر الذات، مبني على التواضع، مبني على مسامحة الآخرين، عند ذلك نستطيع أن نقول أننا نعيش كمسيحيين مؤمنين، ومطبقين لتعاليم يسوع في الإنجيل المقدس.

أنا أعدكم في الشهر القادم إن شاء الله سيكون هناك مفاجأة آخرى لكم، مفاجأة جديدة ستعلن في حينه، أيضاً كمساعدة لكل العائلات في هذه الأزمنة الصعبة، ولعدم وجود الماء والكهرباء والأمبيرات والمازوت، كل هذا نشعر أنكم تتألمون كما نحن نتألم أيضاً معكم، فالشهر القادم سأقدم معونة جديدة للعائلات ربما تسندكم قليلاً إلى أن تنفرج الأزمة، وتعود الحياة إلى ما كانت عليه من بحبوحة ورخاء.

فالآن لنجتمع كلنا سوية بالصلاة كي يجعل الله تعالى بواسطة هذه الصلاة تبنى المحبة أكثر بين بعضنا البعض، وأنا مسرور لأنكم ترتلون معنا التراتيل أثناء القداس، ومسرور أيضاً منشرح الصدر أكثر لأني أشعر بأن في هذه الكنيسة الصغيرة هناك محبة أكثر، إذ كلنا قريبين من بعضنا البعض، هذا الشي يشجعنا أكثر أن نكون بهذا الدفء الروحي نمجد اسم الله تعالى، وهو يمنحنا كل العطايا الصالحة.

بنعمة الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com