الرئيسية | عظات | خميس الأسرار

خميس الأسرار

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

أبنائي الأحباء،

سمعنا في إنجيل اليوم جملة تجعلنا نفكر ونحن في خميس الأسرار، خميس الفصح، خميس الفرح الذي فيه أعدَّ يسوع مع تلاميذه العشاء الأخير، وأثناء العشاء الأخير رسم يسوع سر الافخارستيا، وأعطى جسده مأكلاً ودمه مشرباً لتلاميذه وللعالم، لكن أثناء العشاء قال يسوع لتلاميذه: “إن واحداً منكم سيسلمني، وكان لهذا الإنسان خيراً أن لا يولد”، فحزن التلاميذ لأنهم فكروا من هو هذا الذي سيسلمه، كان خير لهذا الإنسان أن لا يولد لأنه سيهين العزة الإلهية، سيسلم ابن الإنسان، ابن الله تعالى إلى الموت، ويهوذا الذي عرف أن يسوع يقصده هو، بكل خبث قال له: ” ألعلي أنا يا سيد” قال له يسوع: ” أنت قلت” يعني أنت تعترف بلسانك أنك ستسلمني، كان خير لك لو لم تولد لأنك خائن، لأنك تبيع البراءة، تبيع الالوهية، تبيع المعلم الذي أكلت معه، وشربت معه، وشاهدته كيف يصنع الأعاجيب، تذهب وتبيع هذا الإله، هذا الأب، هذا الحنان، لأيدي الأثمة والمجرمين الذين صلبوه في النهاية.

هذا يهوذا يا أحبائي يتمثل بكل إنسان يخون ضميره، يخون الله تعالى في أفعاله السيئة، في أفعاله المشينة، في أفعاله غير مستحبة، هل أنا يا رب، أسأل أنا ذاتي هل أنا يا رب أسلمك أيضاً للموت؟ أنا أقول نعم، أنا أسلم يسوع إلى الموت عندما أخالف تعاليمه، عندما اكفر به، بتصرفاتي العنيفة، بتصرفاتي السيئة، بكذبي، باحتيالي، بغشي للآخرين، وكم من مرة نحن نسيء معاملة الآخرين، ونكذب عليهم، ونبيعهم كلمات، ومظاهر، وتمثيليات، نحن نعيشها يومياً وللأسف مضرين بتعاليم يسوع، تعاليم المحبة، وتعاليم الصفح والغفران.

يسوع يا أحبائي يوم خميس الأسرار بعد أن رسم سر الافخارستيا إنحنى أمام تلاميذه وبدأ يغسل أرجلهم كما سنعمل نحن أيضاً عند نهاية القداس عندما نقيم رتبة الغسل، هنا يسوع أظهر التواضع العميق، هو وعزته الإلهية ينحني أمام تلاميذه، ويغسل أرجلهم واحداً فواحد، ويقبل هذه الأرجل التي ربما تكون وسخة، عفنة، نتئة، لكنه يعلمهم أن ينحنوا هم أيضاً ويغسلوا أرجل بعضهم بعض، كم هو عظيم فعل التواضع هذا؟ كم كان يسوع هذا يا أحبائي متواضعاً عندما ترك العزة الإلهية، وجاء إلى هذا العالم الفاسق كي يقومه، كي يصلحه، كي يسيره على الطريق الصحيح، وللأسف لا زال هذا العالم حتى يومنا هذا يتخبط بالمشاكل، والأخطاء، والجرائم، وكلنا نعلم كم هو عالمنا اليوم يخطئ بحق الإنسان، من فبركة الأسلحة وبيعها، والقنابل والصواريخ كي يستفيد مادياً، يبيع ويشتري كي يربح المال، ويقتل الإنسان، أليس هذا الذي يصنع الأشياء ليس إلا هو يهوذا بحد بذاته؟ عندما يخون الإنسان ويقتله، كم شاهدنا من شهداء في حربنا التي نعيشها اليوم، كم من الضحايا وقعت بسبب الأسلحة والدمار الذي وقع على كنائسنا، ومستشفياتنا، وجوامعنا، وبيوتنا، كم تشرد من الأطفال؟ هل يحق للإنسان أن يعامل أخاه الإنسان بهذه الطريقة؟

اليوم في هذا الوقت السعيد أيضاً نُعيّد تجديد مواعيد كهنوتنا لأن يسوع في يوم خميس الأسرار رسم أيضاً سر الكهنوت، وكل سنة نعيد هذه الاحتفالات كي نذكر أن الكنيسة دوماً في خدمة الإنسان، بالكهنوت، بالأسرار نعطيكم إياها كي ترتدوا، وتعودوا إلى حضنها، هذه الكنيسة المتألمة التي أسسها يسوع كي تعطي حياتها في سبيل الآخرين وتصل في النهاية إلى الوحدة مع الله تعالى، وحدة المحبة.

يا أولادي الصغار انتم اليوم تأخذون دور الرسل، وسنقوم بغسل أرجلكم كي تعرفوا أن يسوع بتواضعه، بمحبته أيضاً كان مثلكم صغيراً، متواضعاً، طائعاً لأهله، محباً لعمله، أطلب منه أن تكونوا أنتم أيضاً رسل محبة، رسل عمل واجتهاد في المدرسة، وطاعة لأهلكم كي تكونوا كالرسل، تنشروا الكلمة الصالحة حيث أنتم، وتكونوا على مثالهم تصنعون العجائب بذكائكم، بمعرفتكم، بعلمكم، بثقافتكم التي ستحصلون عليها من الآن وصاعداً.

يا يسوع في هذا المساء المقدس نطلب منك أن تبارك هؤلاء الأطفال، أن تبارك هذه العائلات، أن تبارك مجتمعنا، كنائسنا كي نعود إليك يوم عيد الفصح بالفرح، والابتهاج، فرح القيامة، فرح انتصار يسوع على الموت، فاليوم في العشاء السري، في تجديد مواعيد كهنوتنا، بتأسيس سر الافخارستيا، سنأخذك زاداً لقلبنا، زاداً لنفوسنا، قوتاً وغذاءً فيه نستطيع أن نوازي الآخرين روحياً كما أنت صنعت بنا.

أقدم هذا القداس على نيتكم جميعاً طالباً من يسوع الذين تحبون، من يسوع الذي تعبدون أن تكونوا أنتم أيضاً شهود للكلمة، شهود للحق.

بنعمة الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com