الرئيسية | عظات | عيد القيامة

عيد القيامة

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

المسيح قام، حقًا قام. مبروك عيد مبارك عالجميع انشالله بكون عيد فرح وسرور وأمان وسلام .

أحبائي نعيّد اليوم أيضًا بفرح وبحزن قيامة يسوع من بين الأموات، لا يكمل فرحنا عندما يكون هناك ضحايا على أرض وطننا، على أرض بلدنا، لا تكمل فرحتنا عندما نرى أشلاء أطفال ونساء تسفك، البارحة في كفريا والفوعة، أتساءل أنا من هو هذا الإنسان الذي ليس فيه شيء من الإنسانية، عندما يبيح لذاته أن يقتل ويدمر، وأن يسفك دماء أبرياء أطفال لا ذنب لهم؟ أي دين هذا يعلم سفك الدماء؟ نحن ديننا المسيحي يعلمنا أن نسامح، يعلمنا أن نغفر، يعلمنا أن نحب، نحن لا نحمل سلاح، نحن لا نؤمن بحمل السلاح، نحن نؤمن بالمحبة فقط، وسلاحنا هو محبتنا لبعضنا البعض يا أحبائي، نحن لا نقبل بأن يكون الإنسان حيواناً ولا شرساً، المسيح يسوع وهو على الصليب سامح الذين صلبوه رغم كل شيء، رغم أنهم عذبوه، وضربوه، ولطموه، فحول لهم الخد الأيمن إلى الأيسر كي ينال أكثر ضربات من هذا العالم الجاحد، من هذا العالم الفاسق.

اليوم عالمنا يا أحبائي ملطخ بدماء الشر والشيطان، عالمنا اليوم ليس عالماً إنسانياً إنما عالماً وحشياً، من الكبير إلى الصغير، من الدول العظمى إلى الدول العربية كافةً، لم يعد هناك مفهوم للضمير ولا للإنسانية بكل أسف، المسيح يسوع لماذا أتى إلى العالم؟ أليس لهذه الأخطاء التي يرتكبها الإنسان يومياً بحق أخيه الإنسان، هل كان من الضروري أن يأتي الله تعالى من علياء سمائه إلى أرضنا ليرى هذه المشاكل، وهذه الصور، وهذه الفضائح، لم يكن الله تعالى بحاجة أن ينزل إلى هذه الأرض العفنة إلى هذه الأرض الشريرة لكنه رأى أن الحاجة ماسة لأن الإنسان منذ بدء الخليقة خالف محبة الله، وأُجبر أن يأكل بعرق جبينه، فأتى يسوع كي يقول للإنسان أنت إنسان محترم، عليك أن تحترم عطايا الله، عليك أن تعمل على رفع شأن حياتك لا أن تقتل نفسك، وضميرك، ولذلك أتى يسوع وهو عارف أنه سيتألم على هذه الأرض من جراء خطأ الإنسان، وأنه سيصلب على الصليب لكنه سيقوم في اليوم الثالث، وهذا ما أرعب الإنسان الشرير عندما رأى القبر فارغاً صباح الأحد، النسوة ذهبن إلى القبر وطلبن أن يرفع الحجر لكنهن شاهدن أن الحجر قد دحرج، وهناك نور ساطع خرج من القبر، المسيح قام، المسيح قام فعلاً قام لأنه وعد ووفى، المسيح قام من بين الأموات، وأعطى الحياة مجدداً لهذا العالم الفاسد الذي أصبح بقيامة المسيح عالماً مبرراً، عالماً مقدساً، ونحن اليوم يا أحبائي نفرح بقيامة يسوع من بين الأموات، نعم نفرح، نفرح روحياً لكننا نصلي من اجل الذين لا يعرفون معنى الفرح، نصلي من أجل السلام، نصلي من اجل إحلال السلام في العالم، العالم بحاجة إلى سلام، المسيح قال: “سلامي أعطيكم”، وهذا السلام قبل كل شيء يجب أن يدخل في قلوبنا، أن يجعل من قلوبنا سالمة كي نستطيع أن نمنح السلام للآخرين.

غداً سوريا تُعيد عيد استقلال، هذا الاستقلال هو استقلال سلام كنا نتمناه وحظينا عليه منذ عام 1946، لكن سلامنا اليوم يتألم، سلامنا يتعذب على هذه الأرض، إلى متى سيبقى سفك الدماء؟ إلى متى سنبقى نتعذب من جراء الكبار الذين يريدون أن يبيعوا ويتاجروا بالأسلحة كي يقتل الإنسان أخاه الإنسان، إلى متى هذا، هل إله الشر لا زال مسيطراً على عالمنا يا أحبائي، نعم لا زال مسيطراً لأن روح الشر ساكنة في قلوب هؤلاء الأشخاص، يسوع قال لنا: ” أنه لا يجب علينا أن نعبد ربين” عبادتنا هي فقط لإله الروح، الله تعالى، الله المحبة، وليس الله المال الذي يسيطر علينا كلنا بدون تمييز، بكل أسف أنا عندما استلم أو أخذ عشر ليرات أو ألف ليرة أو خمسين ألف ليرة أنسى أنني مسيحي، أنسى أنني مؤمن بكلام يسوع، عندما أرى المال أنسى الله، عندما أفرح بجائزة أنسى كل شيء، كأن المال هو إلهي الوحيد، هـــــــل يا ترى المال يصنع منا هذا الإنسان الضعيف، الإنسان الشحاد؟ هل يا ترى المال سيوصلني إلى السماء؟ هل المال سيجعلني أرتاح نفسياً يومياً عندما أنام على مخدتي؟ كم من الملايين، كم من الأشخاص الأغنياء ماتوا فقراء، وأنتم تعرفون حق المعرفة ما أريد أن أقول.

اليوم سنطوي صفحة وسنبدأ صفحة جديدة يا أحبائي، لنبتسم، لنفرح، المسيح قام وأنا كلي أمل أن كل الذين يسمعون، وكل الذين يشاهدون ما نقوم به في حلب من رتب كنسيّة، من احتفالات، من تطوافات، ستجعل الايمان ينمو، وينمو، وينمو في قلوب الذين لا يؤمنون، وكل الذين لا يؤمنون سيؤمنون بالمسيح أنه قام من بين الأموات، وهذه هي تعزيتنا، وهذا هو أملنا، وهذا هو رجاؤنا، أن يؤمن العالم أن المسيح هو المخلص الوحيد.

أنا فرح لأنكم معي اليوم لأن وجودكم اليوم في هذه الكنيسة هو أكبر فرحة لي، ولو أن كنيستنا مدمرة، هنا كنائسنا تمتلئ، وفي أوروبا الجاحدة كنائس وكاتدرائيات ضخمة وفخمة فارغة من الناس، هنا في حلب رغم الحرب كنائسنا مليئة بالمؤمنين، نشكره تعالى وهذه فرحة لنا، هذا رجاؤنا، هذا أملنا فيكم أن تبقوا أبناء الكنيسة يا أحبائي، أن لا تتركوها، أنتم أمل الكنيسة، شبيبتنا، أولادنا، أطفالنا، شاباتنا، نحن من بقينا في حلب علينا أن نتابع، ونبقى في حلب لأن حلب هي حياتنا، عندما نذهب إلى لبنان أو إلى أوروبا أو إلى أمريكا أو استراليا نسير في شوارعها ولا أحد يسلم علينا، لا نعرف إنساناً، هنا عندما نسير في حلب (مرحبا ابو الشباب… اهلين أبو فلان… وكلنا منسلم على بعضنا) ما أحلى هذا السلام في شوارع حلب، ما أحلانا عندما نصافح بعضنا بعضاً في بيوتنا، في وشوارعنا، في المطاعم، في أي مكان كنا، نحن حلبيون، ونحن نحب الفرح، ونحب الأغاني، ونحب الطرب، ونحب الثقافة، ونحب الأعياد، نحن الحلبيون لا يضاهينا إنسان على وجه هذه الأرض أينما ذهبنا نزرع الفرح، نزرع السلام، هذه هي التعاليم التي أخذناها من إنجيلنا المقدس أن نحب بعضنا بعضاً وأن نكون مسالمين لبعضنا البعض.

أحبائي لا أريد أن أطيل عليكم، أحب أن أعيدكم في هذا العيد، عيد قيامة يسوع من بين الأموات، عيد الفرح، عيد السلام، أملاً أن تعود حلب أجمل مما كانت، أن تعود سوريا إلى أمانها وسلامها، أن تكون ناصعة البياض كما سطع نور المسيح من قبره يوم القيامة، وأعطى البياض، وأعطى الطهارة، وأعطى النصاعة للعالم، أتمنى أن تعود سوريا ناصعة، مرفرفة، فرحة، وأن تعود حلب أمنة، مستقلة، فرحة، مؤمنة، وأن تكون حياتنا حياة وحدة، ومحبة إلى أبد الآبدين، آمين . المسيح قام، حقاً قام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com