أخبار عاجلة
الرئيسية | عظات | الثالث بعد القيامة

الثالث بعد القيامة

بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

أبنائي الأحباء،

تحتفل الكنيسة اليوم بالأحد الثالث بعد عيد القيامة، وكلنا فرح، وكلنا ابتهاج لأننا نقضي أياماً حلوة بمناسبة الأعياد، هناك أحداث كثيرة حصلت وتحصل أخرى، ونحن نعيش دوماً بالرجاء والتفاؤل والابتسامة لأن الحياة بدأت تعود إلى سابق عهدها رويداً رويداً، ونأمل أن تكون أفضل بكثير من الأيام الماضية التي مرّت علينا وكانت أيام سوداء.

اليوم في هذا العيد عيد القيامة، وبعد زيارة غبطة أبينا البطريرك إلى حلب، وحضوره أحد الشعانين، ومشاهدته الكاتدرائية ممتلئة بالمؤمنين، وكذلك يوم أسبوع الآلام، الخميس والجمعة والسبت وأحد القيامة الذي أفرح قلبنا هو حضور الشعب الغفير، الكثير الذي ملأ كل الكنيسة بالمئات من الأشخاص لا نقول الآلالف نقول بالمئات من الأشخاص، كانت الكنيسة صغيرة على حجمهم، وقلت آنذاك في أحد القيامة هنا في حلب رأينا الدمار، ورأينا الشهداء، وعانت كنيستنا من صاروخ، ورغم كل ذلك كنيستنا وكنائسنا في حلب امتلأت بالمؤمنين، وهناك في أوروبا الكاتدرائيات الفخمة والضخمة فارغة من الناس، هنا رغم الحرب أهل حلب لم يتركوا الكنيسة، وكانت الكنيسة معهم وستبقى معهم، وهنا تحت الشماسي يوم أحد الشعانين ظلوا في الكنيسة، وحضروا القداس، وتناولوا والشماسي في أيديهم، وكلكم شاهدتم هذا المشهد الرائع، والحمد لله مرت الأيام على أجمل ما يكون.

أما اليوم ففرحتنا هي عندما نذكرهم آباء عملوا معنا في هذه الأبرشية لسنوات عديدة وقدموا من ذواتهم، وقدموا من قلوبهم خدمة لهذه الأبرشية، ولهذه الطائفة، ونذكر واحداً فواحداً: الأول هو الخوراسقف ليون عبد الصمد الذي ولد في عام 1924 وتوفي في حلب عام في 21 تشرين الثاني 2008، كان الرجل الفاضل، النائب العام الهادئ الذي ترأس محاكم حلب الروحية لسنوات عديدة، وخدم الأبرشية وعمل طول حياته في خدمة الطائفة، فله منّا اليوم بعد هذه السنين من وفاته ذكرى نعيشها كلنا، ونصلي من أجله كي تكون مكافأته عظيمة في السماء، كذلك لا ننسى الخوراسقف جورج موصلليه الذي ولد عام 1921 وتوفي في 15 تموز عام 2013، وقد كرس حياته في سبيل الأيتام، والنشرة الطائفية، وعمل في الكاتدرائية لسنين عديدة، وكان مدير مدرسة مار اغناطيوس الانطاكي التي لا تزال حالياً في التلل ومستولى عليها، ونرجو أن تعود يوماً ما كي نتابع رسالتنا التربوية لأولادنا، فكان المدير الحكيم، والكاهن الفاضل في خدمة هذه الطائفة أيضاً، والخوراسقف اميل اسود الذي ولد في حلب عام 1948 وتوفى 25 نيسان 2013 في فرنسا إثر الأمراض، وهو أيضاً زميلنا في الدراسة وعمل وخدم وتعب في تنشئة اكليريكيين صغار في حلب، وتعب في الطائفة كنائب عام، وكان مستشاراً عظيماً، وتعب وقدم حياته في خدمة الأبرشية والطائفة، هؤلاء الثلاثة أنا عاشرتهم كشماس وككاهن وكمطران وكانوا كإخوة طيبين مثالين بروحانيتهم وخدمتهم. اليوم أردت أن أقيم هذه الذبيحة على نيتهم بشكل خاص كي نطلب من الله تعالى مكافأة لهم على أتعابهم التي قدموها في سبيل الطائفة وفي سبيل الكنيسة، واطلب منكم أن تصلوا من أجلهم من حضروا من أهلهم وإخوتهم أن تصلوا معنا، وأنتم أبناء الأبرشية كي يعطيهم الله تعالى مكافأة في السماء، مكافأة القديسين لأنهم يستأهلون هذه صفة القداسة لأنهم فعلاً كانوا قديسين في حياتهم، لا ننسى يا أحبائي أن أذكر باقي المتوفين الذين ذكر أبونا رزوق حنوش أسماءهم، أولاد مديوايه أيضاً نصلي من أجل راحة نفوسهم.

أما اليوم ففي إنجيل القديس مرقس، يتحدث يسوع انه أتى من أجل الخطأة وليس من أجل الأصحاء، وكلنا نعلم أن يسوع أتى إلى عالمنا كي يحرر الإنسان من الخطيئة الأصلية، الخطيئة التي ارتكبها ضد الله تعالى، وهي المعصية، فيسوع أتى من أجلي ومن أجلكم ومن أجل كل إنسان خالف وصية الله، ولو لم تكن هناك خطيئة لما كان هناك ضرورة لحضور المسيح ابن الله تعالى إلى أرضنا كي يخلصنا، لكن الخطيئة أجبرت العزة الإلهية بالنزول إلى ارض البشر كي تعالج هذا الخطأ، وتحرر الإنسان، وتمنحه البرارة والقداسة .

فاليوم نحن نطلب من يسوع ان يبررنا، أن ينظفنا من الداخل كي نكون انقياء، أطهار في حياتنا مع عائلاتنا، وأولادنا، الشعب في تلك الأيام انتقد يسوع لأنه كان يأكل مع العشارين والخطأة، فقال لهم: نعم أنا آكل مع العشارين والخطأة ولذلك أتيت، أتيت من أجل هؤلاء، لا من أجل القديسين، المسيح يسوع ترك في البرية 99  خاروف وتابع الخاروف الضال، من أجل هذا الخاروف الضال ترك 99 في أمان وذهب كي يبحث عن الخاروف الضال، وعندما لقيه حضنه وفرح به لأنه كان ضائعاً فوجد، والمسيح يأتي من أجلنا نحن الخطأة، من أجل كل واحد منّا، وعندما يتوب الخاطىء المسيح يفرح وتفرح السماء، فيا حبذا لو نحن أيضاً نعطي جزءاً من حياتنا للمسيح يسوع كي نقول له: يارب نحن نعمل ونصنع كما أنت تريد، بررنا من الداخل كي نكون أنقياء، وكي تساعدنا على أخذ السماء مكافأة، وأن لا تحتاج أن تأتي إلينا مرة أخرى لأنك إذا أتيت ستجدنا كلنا قديسين، كلنا أنقياء، كلنا أطهار لكننا نحن بشوق إلى رؤيتك في سر القربان، في الكنيسة، في الشعب لأننا نحتاج أن نرى في يسوع الوجه الطاهر، الوجه المقدس في كل إنسان أو أي رجل أو امرأة أو طفل أو طفلة نرى وجه يسوع النقي، هذا هو يسوع الذي نحب والذي يحبنا.

فاليوم في هذه الذبيحة يا أحبائي، اطلب منه هو القائم من بين الأموات أن يبارككم جميعاً، أن يبارك هذه الأبرشية وهذه الرعية، ونطلب منه تعالى أن تعود عائلاتنا التي نزحت خارج حلب، أن تعود فالأمور في تحسن كما قلت منذ البداية، نأمل أن نرى كنيستنا مليئة بالمؤمنين، وإنشاء الله حلب  ستكون أفضل، وسيعود إليهما الأمن والأمان والحياة أفضل مما كانت، وهذا ما نأمله .

بنعمة الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Powered by themekiller.com anime4online.com animextoon.com apk4phone.com tengag.com moviekillers.com